عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2010, 04:16 AM   #1430
حرّه ماتنقاد
مشرفة صدى المشاعر ( نظم )
 
الصورة الرمزية حرّه ماتنقاد
 
افتراضي رؤيـه لطرب اصبح بالغريب ..

بين أمنية و رجاء أم كلثوم للقاء من تحب في رائعتها " اغدا ألقاك " و بين قوة و جرأة نجلا في " أنا حاطلب ايدك بكرة " فارق كبير …
فارق زمني يتجاوز النصف قرن من الاختلافات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي طالت حياتنا بمجملها …
و لان الأغنية واحدة من أكثر الوسائل الفنية تأثرا و تأثيرا في حياة الشعوب ،
فهي تنبع منهم لتعبر عنهم ،
حاملة مشاعرهم و أحلامهم همومهم و مشكلاتهم بألحانها و كلماتها
و بطريقة أدائها أيضا ، فان الاختلاف و التغير كان لا بد و أن يصيبها .
الاختلاف الأبرز كان في العنصر الأهم آلا و هو الكلمة،
خاصة مع الارتباط الشديد للموسيقى العربية
الكلمة على العكس من الموسيقى الغربية.
و لأن الكلمة هي أساس التواصل و الحامل الأقوى للصورة الشعرية
كان التنافس الكبير بين عمالقة الغناء العربي
على اجتذاب كبار الشعراء للتعاون معهم في صناعة أغنياتهم.

احمد شوقي ، حافظ إبراهيم ، احمد رامي و بيرم التونسي
و غيرهم من كبار الشعراء

كانوا العنصر الأهم في صناعة الأغنية العربية لوقت ليس بقصير ،
و ليس معنى هذا أن الأغنية العربية لم تعرف سوى قصائد الفصحى
بل على العكس كان انتشار الأغاني باللغة المحكية المحلية
( مصرية أم لبنانية أو شامية )
لا يقل إن لم يكن يتجاوز نجاح و شهرة القصائد المغناة.
فنجاح الأغنية نابع من قدرة الكلمة على إيصال الفكرة و التعبير عن المعنى
بغض النظر عن أسلوبية كتابتها ،
من هنا برزت مكانة واضع كلمات الأغنية و الذي كان يوصف في الأغلب بالشاعر.
بمرور الوقت لم يعد للشاعر الغنائي وجود
،فقد تم الاستعاضة عنه بلقب " مؤلف " و هو لقب قد يبدو أقل مكانة
إلا انه بقي يحمل روحا إبداعية ابتكارية
مؤخرا غاب هذا اللقب
أيضا لتصبح كلمة " كلمات " هي الكلمة المعتمدة لوصف كاتب الأغاني
لأي البوم غنائي جديد .
ترى ما سبب هذا التغير؟ هل هو مجرد تغيير شكلي لوصف المهنة
أم أن التغيير في الاسم مرتبط بتغيير في طبيعة العملية الإبداعية ذاتها ؟؟؟؟
كتابة الأغاني بين الإبداع و الابتداع:
قد تبدو عملية كتابة الأغاني أمرا هينا بالنسبة للكثيرين ،
إلا أن الأمر ليس مجرد وضع كلمات موزونة القافية ،
إذ لابد من وجود فكرة ما
تكون حجر الأساس لبناء الأغنية
ليتم من بعدها اختيار المفردات الملائمة لإيصال المعنى و الفكرة المطلوبة ،
و الحصيلة أغنيات وطنية و اجتماعية و أخرى عاطفية .
و لان هذه الأخيرة هي الأكثر انتشارا فإنها الأكثر صعوبة ،
خاصة مع تشابه معظم الحالات العاطفية من غزل و شوق و عتاب و حنين.
هنا تصبح عملية اختيار المفردات أمرا بالغ الصعوبة و الأهمية في نفس الوقت،
فالحرص على اختيار الملائم لنقل الحالة العاطفية
لابد و أن يصاحبه حرصا بالابتعاد عن التكرار .

إلا أن ما يحدث اليوم في عالم الغناء العربي مختلف تماما ،
إذ تنتشر ظاهرة الاستنساخ بصورة غير معقولة لأي عمل فني يلقى نجاحا ،
فبعد موجة استنساخ أصوات غنائية وسوفية
و انتشار استنساخ الألحان التركية و اليونانية و مؤخرا الهندية
اصبح استنساخ كلمات الأغنيات أمرا اعتياديا و مألوفا .

نجاح " آه يا ليل " و موجة أغاني الكبرياء:


بعد عذابات الغدر و الخيانة و الهجر التي ابتدعها " هاني شاكر "
و سار على خطاه الكثيرين ،
ظهرت شيرين كفتاة في أوائل العشرينات تغنى بلهجة عناد و تحدي
معبرة عن لامبالاتها من هجر الحبيب .
و إذا كانت " ام كلثوم " قد لاقت بعض التحفظ
عندما شدت " حب ايه الي انت جاي تقول عليه
" فان شيرين " لاقت الإعجاب و التصفيق و هي ترقص و تغني
" ابعد و اهجر يا أناني أنا مش حارجعلك تاني " .
نجاح " شيرين " أغرى الكثيرين بالسير في نفس الاتجاه ،
" بهاء سلطان " مطرب شاب يغني منذ ست سنوات
لم يعرف خلالها شهرة كما عرفها و هو يغني " قوم وقف و أنت بتكلمني ،
قوم وقف بص لي و فهمني !!"،
لتبدأ بعد ذلك وصلة من الردح و الشجار الغنائي بأغنيات مثل
" انده لي حد كبير اكلمو ، انده لي حد عشان افهمو " و " أنت أه و هو لاء "
و"أنا عمري ما استنيت حد "
و مؤخرا أغنية لراقصة مغمورة بعنوان " حط النقط على الحروف "!!!!!.
وضع النقط على الحروف :؟
انطلاقا من هذه الأغنية الأخيرة
اصبح لابد من وضع النقط على الحروف لحال الأغنية العربية اليوم،
ذلك أن انتشار هذه الأغنيات بصورة جنونية على الفضائيات العربية
اصبح يستدعي دراسة مطولة ،
خاصة إذا كنا قد اعتبرنا في البداية
أن الأغنية واحدة من أكثر الوسائل الفنية تأثرا و تأثيرا في حياة الشعوب
لأنها تنبع منهم لتعبر عنهم ،
فهل تعبر " حط النقط على الحروف" و " العب يا لعبي " و " عامل بوليكا "
عن جيل الشباب ..؟!!
خاصة و أنها جميعا تندرج في إطار ما يسمى بالأغنية الشبابية ؟؟
ربما كان من الأنسب تصنيف أغنيات كهذه ضمن موجة الأغنيات التجارية
التي لم تعد لتختلف كثيرا عن المسرح التجاري.
إنها أشبه بوجبات الطعام السريعة و الرديئة في نفس الوقت ،
إذ لا تستغرق وقتا في التحضير و الإعداد و لا حتى وقتا في الاستهلاك.
كلمات من هنا و هناك لا تقارب حتى الكلمات المتقاطعة،
إذ لا يربطها سوى إيقاع سريع و صوت ضعيف ينشز بها .
أما موضوعات الأغاني اليوم فهي بحسب الموجة السائدة
فتارة أشواق و مشاعر ملتهبة تدفع مؤديتها لطلب يد من تحب
كما تغني نجلا في" أنا حاطلب ايدك بكرة "
و تارة خلاف و شجار يصل إلى حد التهديد كما في جديد سيمون " خاف مني"
الذي لم تكتف به بكلمات التهديد و الوعيد
بل دعمت كلامها بكليب مصور تضرب فيه كل من يقترب منها !!! .؟
لم يعد هناك وجود أو ضرورة للشاعر أو المؤلف الغنائي ،
فتجار الفضائيات و من خلفهم تجار شركات الإنتاج الغنائي
استعاضوا عنهم بمن يضع كلمات ،
أي كلمات شريطة ان تكون غريبة و غير مألوفة و لا حتى مفهومة
كل هذا ضمن ما يسمى أغنية شبابية .
ربما طرأت على حياتنا تغيرات عدة سارعت في إيقاعها و غيرت الكثير من مفاهيمها إلا أن عواطف البشر و أحاسيسهم لا يمكن أن تتغير
تحت أي مسمى شبابي أو غير شبابي ،
فالمحب الحقيقي مهما كان عمره
سواء في الأمس أو في اليوم و حتى في الغد
ينتشي لسماع عبد الحليم في " أول مرة تحب يا قلبي "
و يدندن " بحلم بيك " و يتألم مع " ظلموه "
ذلك أن مشاعر بقيمة " قوم وقف و انت بتكلمني " و" انده لي حد كبير اكلمو "
لابد و أن تدفعنا لقول " حب ايه الي جاي تقول عليه
انت عارف قبل معنى الحب ايه"؟

حرّه ماتنقاد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس