الموضوع: || حديث الجمعه ||
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-04-2008, 12:37 AM   #3
..: قسم المجلس :..
اليوزر الإداري لقسم المجلس
 
افتراضي رد: || حديث الجمعه ||








سورة الفاتحة سمِّيت بذلك؛ لأنه افتتح بها القرآن الكريم؛
وقد قيل: إنها أول سورة نزلت كاملة..
هذه السورة قال العلماء: إنها تشتمل على مجمل معاني القرآن في التوحيد،
والأحكام، والجزاء، وطرق بني آدم، وغير ذلك؛
ولذلك سمِّيت "أم القرآن"(47)؛ والمرجع للشيء يسمى "أُمّاً"..


وهذه السورة لها مميزات تتميّز بها عن غيرها؛ منها أنها ركن في الصلوات التي هي أفضل أركان الإسلام بعد الشهادتين:
فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب؛ ومنها أنها رقية: إذا قرئ بها على المريض شُفي بإذن الله؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال للذي قرأ على اللديغ، فبرئ: "وما يدريك أنها رقية"(48) ..


وقد ابتدع بعض الناس اليوم في هذه السورة بدعة،
فصاروا يختمون بها الدعاء، ويبتدئون بها الخُطب ويقرؤونها عند بعض المناسبات .، وهذا غلط:
تجده مثلاً إذا دعا، ثم دعا قال لمن حوله: "الفاتحة"، يعني اقرؤوا الفاتحة؛
وبعض الناس يبتدئ بها في خطبه، أو في أحواله .
وهذا أيضاً غلط؛ لأن العبادات مبناها على التوقيف، والاتِّباع..






(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم)



التفسير:.


قوله تعالى: { بسم الله الرحمن الرحيم }: الجار والمجرور متعلق بمحذوف؛
وهذا المحذوف يقَدَّر فعلاً متأخراً مناسباً؛
فإذا قلت: "باسم الله" وأنت تريد أن تأكل؛ تقدر الفعل: "باسم الله آكل"..
قلنا: إنه يجب أن يكون متعلقاً بمحذوف؛ لأن الجار والمجرور معمولان؛ ولا بد لكل معمول من عامل..


وقدرناه متأخراً لفائدتين:


الفائدة الأولى: التبرك بتقديم اسم الله عزّ وجل.
والفائدة الثانية: الحصر؛ لأن تأخير العامل يفيد الحصر،
كأنك تقول: لا آكل باسم أحد متبركاً به، ومستعيناً به، إلا باسم الله عزّ وجلّ.
وقدرناه فعلاً؛ لأن الأصل في العمل الأفعال .
وهذه يعرفها أهل النحو؛ ولهذا لا تعمل الأسماء إلا بشروط
وقدرناه مناسباً؛ لأنه أدلّ على المقصود؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
"من لم يذبح فليذبح باسم الله"(49) . أو قال صلى الله عليه وسلم "على اسم الله"(50) : فخص الفعل..


و{ الله }: اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره؛
وهو أصل الأسماء؛ ولهذا تأتي الأسماء تابعة له..


و{ الرحمن } أي ذو الرحمة الواسعة؛
ولهذا جاء على وزن "فَعْلان" الذي يدل على السعة..


و{ الرحيم } أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده؛
ولهذا جاءت على وزن "فعيل" الدال على وقوع الفعل فهنا رحمة هي صفته .


هذه دل عليها { الرحمن }؛ ورحمة هي فعله . أي إيصال الرحمة إلى المرحوم . دلّ عليها { الرحيم }..


و{ الرحمن الرحيم }: اسمان من أسماء الله يدلان على الذات،
وعلى صفة الرحمة، وعلى الأثر: أي الحكم الذي تقتضيه هذه الصفة..


والرحمة التي أثبتها الله لنفسه رحمة حقيقية دلّ عليها السمع، والعقل؛
أما السمع فهو ما جاء في الكتاب، والسنّة من إثبات الرحمة لله .
وهو كثير جداً؛ وأما العقل: فكل ما حصل من نعمة،
أو اندفع من نقمة فهو من آثار رحمة الله..


هذا وقد أنكر قوم وصف الله تعالى بالرحمة الحقيقية، وحرّفوها إلى الإنعام،
أو إرادة الإنعام، زعماً منهم أن العقل يحيل وصف الله بذلك؛
قالوا: "لأن الرحمة انعطاف، ولين، وخضوع، ورقة؛ وهذا لا يليق بالله عزّ وجلّ"؛ والرد عليهم من وجهين:.


الوجه الأول: منع أن يكون في الرحمة خضوع، وانكسار، ورقة؛
لأننا نجد من الملوك الأقوياء رحمة دون أن يكون منهم خضوع، ورقة، وانكسار..


الوجه الثاني: أنه لو كان هذا من لوازم الرحمة،
ومقتضياتها فإنما هي رحمة المخلوق؛ أما رحمة الخالق سبحانه وتعالى
فهي تليق بعظمته، وجلاله، وسلطانه؛ ولا تقتضي نقصاً بوجه من الوجوه..


ثم نقول: إن العقل يدل على ثبوت الرحمة الحقيقية لله عزّ وجلّ،
فإن ما نشاهده في المخلوقات من الرحمة بَيْنها يدل على رحمة الله عزّ وجلّ؛
ولأن الرحمة كمال؛ والله أحق بالكمال؛ ثم إن ما نشاهده من الرحمة التي
يختص الله بها . كإنزال المطر، وإزالة الجدب، وما أشبه ذلك . يدل على رحمة الله..


والعجب أن منكري وصف الله بالرحمة الحقيقية بحجة أن العقل لا يدل عليها،
أو أنه يحيلها، قد أثبتوا لله إرادة حقيقية بحجة عقلية أخفى من الحجة العقلية على رحمة الله،
حيث قالوا: إن تخصيص بعض المخلوقات بما تتميز به يدل عقلاً على الإرادة؛
ولا شك أن هذا صحيح؛ ولكنه بالنسبة لدلالة آثار الرحمة عليها أخفى بكثير؛
لأنه لا يتفطن له إلا أهل النباهة؛ وأما آثار الرحمة فيعرفه حتى العوام،
فإنك لو سألت عامياً صباح ليلة المطر: "بِمَ مطرنا؟"، لقال: "بفضل الله، ورحمته"..


هل البسملة آية من الفاتحة؛ أو لا؟


في هذا خلاف بين العلماء؛ فمنهم من يقول: إنها آية من الفاتحة،
ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛
لأنها من الفاتحة؛ ومنهم من يقول: إنها ليست من الفاتحة؛
ولكنها آية مستقلة من كتاب الله؛ وهذا القول هو الحق؛ ودليل هذا: النص،
وسياق السورة..


أما النص: فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين:
إذا قال: { الحمد لله رب العالمين } قال الله تعالى: حمدني عبدي؛
وإذا قال: { الرحمن الرحيم } قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي؛
وإذا قال: { مالك يوم الدين } قال الله تعالى: مجّدني عبدي؛
وإذا قال: { إياك نعبد وإياك نستعين } قال الله تعالى: هذا بيني وبين عبدي نصفين؛ وإذا قال: { اهدنا الصراط المستقيم }... إلخ،
قال الله تعالى: هذا لعبدي؛ ولعبدي ما سأل".
وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة؛


وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "صلَّيت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر؛
فكانوا لا يذكرون { بسم الله الرحمن الرحيم } في أول قراءة، ولا في آخرها"
والمراد لا يجهرون؛ والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها..


أما من جهة السياق من حيث المعنى: فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق؛
وإذا أردت أن توزع سبع الآيات على موضوع السورة وجدت أن نصفها هو قوله تعالى: { إياك نعبد وإياك نستعين }
وهي الآية التي قال الله فيها: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين"؛
لأن { الحمد لله رب العالمين }: واحدة؛ { الرحمن الرحيم }:
الثانية؛ { مالك يوم الدين }: الثالثة؛ وكلها حق لله عزّ وجلّ { إياك نعبد وإياك نستعين }:
الرابعة . يعني الوسَط؛ وهي قسمان: قسم منها حق لله؛ وقسم حق للعبد؛
{ اهدنا الصراط المستقيم } للعبد؛ { صراط الذين أنعمت عليهم } للعبد؛ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } للعبد..


فتكون ثلاث آيات لله عزّ وجل وهي الثلاث الأولى؛ وثلاث آيات للعبد .
وهي الثلاث الأخيرة؛ وواحدة بين العبد وربِّه . وهي الرابعة الوسطى..


ثم من جهة السياق من حيث اللفظ، فإذا قلنا: إن البسملة آية من الفاتحة لزم أن تكون الآية السابعة طويلة على قدر آيتين؛
ومن المعلوم أن تقارب الآية في الطول والقصر هو الأصل..


فالصواب الذي لا شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة .
كما أن البسملة ليست من بقية السور..





( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)



التفسير:.


قوله تعالى: { الحمد لله رب العالمين }:
{ الحمد } وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛
الكمال الذاتي، والوصفي، والفعلي؛ فهو كامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛
ولا بد من قيد وهو "المحبة، والتعظيم" ؛ قال أهل العلم:
"لأن مجرد وصفه بالكمال بدون محبة، ولا تعظيم:
لا يسمى حمداً؛ وإنما يسمى مدحاً"؛ ولهذا يقع من إنسان لا يحب الممدوح؛
لكنه يريد أن ينال منه شيئاً؛ تجد بعض الشعراء يقف أمام الأمراء،
ثم يأتي لهم بأوصاف عظيمة لا محبة فيهم؛ ولكن محبة في المال الذي يعطونه،
أو خوفاً منهم؛ ولكن حمدنا لربنا عزّ وجلّ حمدَ محبةٍ، وتعظيمٍ؛ فلذلك صار لا بد من القيد في الحمد أنه وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛
و "أل" في { الحمد } للاستغراق: أي استغراق جميع المحامد..


وقوله تعالى: { لله }: اللام للاختصاص، والاستحقاق؛
و "الله" اسم ربنا عزّ وجلّ؛ لا يسمى به غيره؛ ومعناه: المألوه .
أي المعبود حباً، وتعظيماً..


وقوله تعالى: { رب العالمين }؛ "الرب" : هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف:
الخلق، والملك، والتدبير؛ فهو الخالق المالك لكل شيء المدبر لجميع الأمور.


و{ العالمين }: قال العلماء: كل ما سوى الله فهو من العالَم؛
وُصفوا بذلك؛ لأنهم عَلَم على خالقهم سبحانه وتعالى؛ ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق: على قدرته، وحكمته، ورحمته، وعزته،
وغير ذلك من معاني ربوبيته..



الفوائد:



.1 من فوائد الآية: إثبات الحمد الكامل لله عزّ وجلّ،
وذلك من "أل" في قوله تعالى: { الحمد }؛ لأنها دالة على الاستغراق..


.2 ومنها: أن الله تعالى مستحق مختص بالحمد الكامل من جميع الوجوه؛
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يسره قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات" ؛ وإذا أصابه خلاف ذلك قال: "الحمد لله على كل حال" ..


.3 ومنها: تقديم وصف الله بالألوهية على وصفه بالربوبية؛
وهذا إما لأن "الله" هو الاسم العَلَم الخاص به، والذي تتبعه جميع الأسماء؛
وإما لأن الذين جاءتهم الرسل ينكرون الألوهية فقط..


.4 ومنها: عموم ربوبية الله تعالى لجميع العالم؛ لقوله تعالى:(العالمين.. )






(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)


التفسير:.


قوله تعالى: { الرحمن الرحيم }:
{ الرحمن } صفة للفظ الجلالة؛ و{ الرحيم } صفة أخرى؛
و{ الرحمن } هو ذو الرحمة الواسعة؛ و{ الرحيم } هو ذو الرحمة الواصلة؛
فـ{ الرحمن } وصفه؛ و{ الرحيم } فعله؛
ولو أنه جيء بـ "الرحمن" وحده، أو بـ "الرحيم" وحده لشمل الوصف، والفعل؛
لكن إذا اقترنا فُسِّر { الرحمن } بالوصف؛ و{ الرحيم } بالفعل..








الفوائد:


.1 من فوائد الآية: إثبات هذين الاسمين الكريمين .
{ الرحمن الرحيم } لله عزّ وجلّ؛ وإثبات ما تضمناه من الرحمة التي هي الوصف، ومن الرحمة التي هي الفعل..


.2 ومنها: أن ربوبية الله عزّ وجلّ مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة؛
لأنه تعالى لما قال: { رب العالمين } كأن سائلاً يسأل: "ما نوع هذه الربوبية؟
هل هي ربوبية أخذ، وانتقام؛ أو ربوبية رحمة، وإنعام؟" قال تعالى: { الرحمن الرحيم }..






(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)


التفسير:


قوله تعالى: { مالك يوم الدين } صفة لـ{ الله }؛ و{ يوم الدين } هو يوم القيامة؛
و{ الدين } هنا بمعنى الجزاء؛
يعني أنه سبحانه وتعالى مالك لذلك اليوم الذي يجازى فيه الخلائق؛
فلا مالك غيره في ذلك اليوم؛ و "الدين" تارة يراد به الجزاء،
كما في هذه الآية؛ وتارة يراد به العمل، كما في قوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون: 6] ، ويقال: "كما تدين تدان"، أي كما تعمل تُجازى..


وفي قوله تعالى: { مالك } قراءة سبعية: { مَلِك}، و "الملك" أخص من "المالك"..
وفي الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة؛ وهي أن ملكه جلّ وعلا ملك حقيقي؛
لأن مِن الخلق مَن يكون ملكاً، ولكن ليس بمالك: يسمى ملكاً اسماً وليس له من التدبير شيء؛
ومِن الناس مَن يكون مالكاً، ولا يكون ملكاً: كعامة الناس؛ ولكن الرب عزّ وجلّ مالكٌ ملِك..



الفوائد:


.1 من فوائد الآية: إثبات ملك الله عزّ وجلّ، وملكوته يوم الدين؛
لأن في ذلك اليوم تتلاشى جميع الملكيات، والملوك..


فإن قال قائل: أليس مالك يوم الدين، والدنيا؟
فالجواب: بلى؛ لكن ظهور ملكوته، وملكه، وسلطانه، إنما يكون في ذلك اليوم؛
لأن الله تعالى ينادي: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فلا يجيب أحد؛
فيقول تعالى: {لله الواحد القهار} [غافر: 16] ؛ في الدنيا يظهر ملوك؛
بل يظهر ملوك يعتقد شعوبهم أنه لا مالك إلا هم؛ فالشيوعيون مثلاً لا يرون أن هناك رباً للسموات، والأرض؛
يرون أن الحياة: أرحام تدفع، وأرض تبلع؛ وأن ربهم هو رئيسهم..


.2 ومن فوائد الآية: إثبات البعث، والجزاء؛ لقوله تعالى: ( مالك يوم الدين )


.3 ومنها: حث الإنسان على أن يعمل لذلك اليوم الذي يُدان فيه العاملون..





سوف نكمل تفسير بقية السوره في الاسبوع القادم بإذن الله ..



..: قسم المجلس :.. غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس